الدكتور سعيد دراز مواطن مصري مقيم في غانا منذ سنوات طويلة ومن أكبر المستثمرين الأجانب هناك ويعشق الاستثمار في أفريقيا الذي نتحدث عنه كثيرا ونفعله قليلا رغم أهميته الاقتصادية والسياسية، وخلال زيارتي الحالية إلى غانا مع بعض الزملاء الصحفيين التقينا د دراز وسألته لماذا تستثمر في أفريقيا وأوروبا ولا تفعل ذلك في مصر؟ أجاب أن بعض أصدقائه أقنعوه فعلا بضرورة أن يكون له استثمارات في بلده وبعد تفكير طويل اقتنع وإختار اصعب مجال وهو استصلاح الأراضي لأنها التنمية الحقيقية التي توفر الغذاء وتحقق قيمة مضافة للناتج القومي وتساهم في خلق فرص عمل وزيادة الصادرات وتقليل الاستيراد وبالفعل حصل على 2000 فدان في محافظة بني سويف في منطقة صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء تبعد عن القاهرة حوالي 180 كيلو والمياه الجوفية فيها نسبة ملوحة عالية لا تصلح إلا لزراعة نوع معين من النباتات غير موجود في مصر اسمه “الكينوا ” له استخدامات كثيرة أهمها أنه بديل للقمح .

بالفعل د دراز أنفق ملايين الجنيهات على الأبحاث واستصلاح الأرض وأنشأ مزرعة استرشادية بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية حققت نتائج طيبة وتم حصاد محصولها” الكينوا ” في احتفالية كبيرة هذا العام ، ثم بدأت معاناة الرجل مع الجهاز الإداري للدولة لتقنين أوضاعه وتمليك ارضه وتم تسعير الفدان ب 55 الف جنية يتجاوز المائة آلاف بعد تعميره،
حينما كانت الدولة قبل 15 عام توزع الاراضي الصحراوية مجانا (200 جنية للفدان على 5 سنوات) تم استصلاح مساحة كبيرة أنقذت مصر من المجاعة فنحن شعب يزيد سنويا حوالي 2 مليون نسمة ورقعته الزراعية تتأكل،
للأسف الشديد ما يحدث الآن بشأن تخصيص وتسعير الاراضي الصحراوية أو الصناعية والاستثمارية سوف يكون نتائجه كارثية على البلد وعدم احترام الدولة لتعاقدتها وإعادة تسعير الاراضي أو سحبها او المغالاة فيها جعل المواطنين والمستثمرين يحجمون عن الدخول في هذا المجال الهام بل بعضهم هجر الأرض الزراعية سوء في الدلتا أو الصحراء ،
اتمنى من المسئولين المصريين أن يعلموا اننا دولة تعيش على 7 % فقط من مساحتها وأكثر من 90% مازالت صحراء قاحلة
وأنه ليس لدينا عجز أو أزمة في الاراضي بل لدينا كارثة اقتصادية في التوظيف والإنتاج
فالإحصائيات الرسمية تؤكد ان مصر تمتلك 380 مليون فدان أراضي صحراوية فلماذا المغالاة في أسعارها؟ولماذا لا يحصل عليها المستثمرون الجادون بأسعار زهيدة أو مجانا بحق الانتفاع لسنوات طويلة؟
استصلاح الصحراء عمل شاق ومكلف جدا ومن يستثمر فيها يستحق الدعم والمساندة ونصنع له تمثالا لأنه لا يساهم فقط في زراعة الصحراء ولكن أيضا في توفير الغذاء الذي نستورد معظمه من الخارج .

د دراز يحصل على الفدان في غانا ب 60 دولار والري بالغمر (ألف جنية مصري ) وبمساحات شاسعة شديدة الخصوبة ودعم كبير جدا من السلطات الغانية مع اعفاءات في الجمارك والضرائب في حين أنه يعاني مع الجهاز الإداري في محافظة بني سويف وهو مجرد نماذج لآلاف المواطنين والمستثمرين الذين يعانون من المسئولين الذين لا يدركون أهمية الاستثمار
هنا في غانا أيضا التقينا بالمهندس إبراهيم حسبو صاحب شركة مصرية لاستصلاح أراضي حصلت على 50 ألف فدان في مايو الماضي وسوف تحصد محصول الازر الاسبوع القادم!! في خمسة أشهر فقط حصل على الأرض واستصلاحها وزراعها وكان رئيس غانا بنفسه يتفقد المشروع أمس !!!.

نعلم جيدا ان الرئيس السيسي يبذل جهود كبيرة لتشجيع الاستثمار ويترأس بنفسه المجلس الأعلى للاستثمار كما أن د سحر نصر وزيرة الاستثمار تجوب العالم لجذب مستثمرين أجانب لمصر وتسعى لحل مشاكل المستثمرين المحليين ولكن كل جهود الرئيس والوزيرة قد يفشلها صغار الموظفين وفساد بعض المسئولين في الجهاز الإداري والحكم المحلي .


Source
: soutalomma.com